خمسة عشر عام منذ رحيل الحاضر فينا جواب العصور
منذ رحلت لم تفارقنا لحظة ..
عبد الله البردوني ..
ستبقى في وجدان الشعب وذاكرة التاريخ وملكوت الأدب العربي
شاعرا لا يتكرر
فناننا الكبير شهاب المقرمي احتفى بهذه المناسبة على طريقته
رحمة الله عليه
شاعر اليمن الكبير : عبد الله البردوني
في ذكراك يا عظيما من عظماء شعرنا العربي
نحتفي بك رائدا لمدرسة الوفاء لديوان العرب
ونخبر الدنيا أن شعرك خالد في الأزمان والدُّنى
ونباهي بأن نقدم سطور حياتك وشعرك :
ترجمة مختصرة لرحلة حياته وشعره
ولد الشاعر عبد الله البردوني في قرية البردون / اليمن عام 1929 م أصيب بالعمى في السادسة من عمره بسبب الجدري ، درس في مدارس ذمار لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار العلوم وتخرج فيها عام 1953م. ثم عُين أستاذا للآداب العربية في المدرسة ذاتها .
وعمل مسؤولاً عن البرامج في الإذاعة اليمنية.عاش حياته مناضلا ضد الرجعية والدكتاتورية وكافة اشكال القهر ببصيرة الثوري الذي يريد وطنه والعالم كما ينبغي ان يكونا‚ أحب وطنه بطريقته الخاصة‚ رافضا أن يعلمه أحد كيف يحب.
هو شاعر حديث سرعان ما تخلص من أصوات الآخرين وصفا صوته عذبا‚ شعره فيه تجديد وتجاوز للتقليد في لغته وبنيته وموضوعاته حتى قيل:
هناك شعر تقليدي وشعر حديث وهناك شعر البردوني‚ أحب الناس وخص بحبه أهل اليمن‚ وهو صاحب نظرة صوفية في حبهم ومعاشرتهم إذ يحرص على لقائهم بشوشا طاويا ما في قلبه من ألم ومعاناة ويذهب الى عزلته ذاهلا مذعورا قلقا من كل شيء .
تناسى الشاعر نفسه وهمومه وحمل هموم الناس دخل البردوني بفكره المستقل الى الساحة السياسية اليمنية‚ وهو المسجون في بداياته بسبب شعره والمُبعد عن منصب مدير إذاعة صنعاء‚ والمجاهر بآرائه عارفا ما ستسبب له من متاعب .
في عام 1982 أصدرت الأمم المتحدة عملة فضية عليها صورته كمعاق تجاوز العجز‚ ترك البردوني دراسات كثيرة‚ وأعمالا لم تنشر بعد أهمها السيرة الذاتية.
له عشرة دواوين شعرية، وست دراسات ، صدرت دراسته الأولى عام 1972م "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" .
أما دواوينه فهي على التوالي:
• من أرض بلقيس 1961 –
• في طريق الفجر 1967 -
• مدينة الغد 1970
• لعيني أم بلقيس 1973
• السفر إلى الأيام الخضر 1974
• وجوه دخانية في مرايا الليل 1977 -
• زمان بلا نوعية 1979
• ترجمة رملية لأعراس الغبار 1983
• كائنات الشوق الاخر 1986 -
• رواغ المصابيح 1989
في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين 30 أغسطس 1999م وفي آخر سفرات الشاعر الى الأردن للعلاج توقف قلبه عن الخفقان بعد ان خلد اسمه كواحد من شعراء العربية في القرن العشرين .
" الترجمة أعدها الأديب والمؤرخ السوري : محمد عزوز ، ونقلناها ببعض التصرف "
والشكر للأخ الشاعر الحبيب : فادي الفحيلي ، الذي زودنا بهذه الترجمة وأكد التذكير والاحتفاء بشاعرنا الكبير "
احتفاء منا بذكرى عظيم من عظماء الشعر العربي الخالدين
شاعر اليمن الكبير الراحل : عبد الله البردوني
نقدم فيضا من رائعته التي كتبها في حب النبي المصطفى :
يـــا " أحمدّ النورِ " عفوا إن ثَأرْتُ فَفـي
صدري جحيمٌ تشظّتْ بيــــنَ أشعــاري
" طه " إذا ثارَ إنشـادي فـإنّ أبـــــــــــي
" حسّــان " أخبارُه في الشعرِ أخبـاري
أنا ابْنُ أنصارِك الغـرّ الألـى قذفــــــــــــوا
جيشَ الطغــــــــــاةِ بجيـشٍ منـكَ جــرّارِِ
تظــــافرتْ في الفدى حوليـك أنفسهـم
كــــــــــأنّهـنّ قـــــــــــلاعٌ خـلـفَ أســوارِ
نحنُ اليمانينَ يا " طـــــــــه " تَطيـرُ بنـا
إلــــــــى روابـي العُــــــــــلا أرواحُ أنصـارِ
إذا تذكّــــــرت " عـمّــــــــــارا " و مـبـدأه
فافخرْ بنا : إنّنـا أحفــــــــــــادُ " عمّـارِِ "
" طه " إليك صـلاة الشعـر ترفعــــــــــهـا
روحـي و تعزفـــــــــهـا أوتـــــــــار قيـثــار
قصيدة ( ليالي الجائعين ) للشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني*
هذي البيوت الجاثمات إزائي *** ليل من الحرمان و الإدجاء
من للبيوت الهادمات كأنّها *** فوق الحياة مقابر الأحياء
تغفو على حلم الرغيف و لم تجد *** إلاّ خيالا منه في الإغفاء
و تضمّ أشباح الجياع كأنّها *** سجن يضمّ جوانح السّجناء
و تغيب في الصمت الكئيب كأنّها *** كهف وراء الكون و الأضواء
خلف الطبيعة و الحياة كأنّها *** شيء وراء طبائع الأشياء
ترنو إلى الأمل المولّي مثلما *** يرنو الغريق إلى المغيث النائي
و تلملم الأحلام من صدر الدّجا *** سردا كأشباح الدجا السوداء
***
هذي البيوت النائمات على الطوى *** توم العليل على انتفاض الداء
نامت و نام اللّيل فوق سكونها *** و تغلّفت بالصمت و الظلماء
و غفت بأحضان السكون و فوقها *** جثث الدجا منثورة الأشلاء
و تلملمت تحت الظلام كأنّها *** شيخ ينوء بأثقل الأعباء
أصغى إليها اللّيل لم يسمع بها *** إلاّ أنين الجوع في الأحشاء
و بكا البنين الجائعين مردّدا *** في الأمّهات و مسمع الآباء
ودجت ليالي الجائعين و تحتها *** مهج الجياع قتيلة الأهواء
****
يا ليل ، من جيران كوخي ؟ من هم *** مرعى الشقا و فريسة الأرزاء
الجائعون الصابرون على الطوى *** صبر الربا للريح و الأنواء
الآكلون قلوبهم حقدا على *** ترف القصور و ثروة البخلاء
الصامتون و في معاني صمتهم *** دنيا من الضجّات و الضوضاء
و يلي على جيران كوخي إنّهم *** ألعوبة الإفلاس و الإعياء
ويلي لهم من بؤس محياهم و يا *** و يلي من الإشفاق بالبؤساء
أنوح للمستضعفين و إنّني *** أشقى من الأيتام و الضعفاء
و أحسّهم في سدّ روحي في دمي *** في نبض أعصابي و في أعضائي
فكأنّ جيراني جراح تحتسي *** ريّ الأسى من أدمعي و دمائي
ناموا على البلوى و أغفي عنهمو *** عطف القريب ورحمة الرحماء
ما كان أشقاهم و أشقاني بهم *** و أحسّني بشقائهم و شقائي
منذ رحلت لم تفارقنا لحظة ..
عبد الله البردوني ..
ستبقى في وجدان الشعب وذاكرة التاريخ وملكوت الأدب العربي
شاعرا لا يتكرر
فناننا الكبير شهاب المقرمي احتفى بهذه المناسبة على طريقته
رحمة الله عليه
شاعر اليمن الكبير : عبد الله البردوني
في ذكراك يا عظيما من عظماء شعرنا العربي
نحتفي بك رائدا لمدرسة الوفاء لديوان العرب
ونخبر الدنيا أن شعرك خالد في الأزمان والدُّنى
ونباهي بأن نقدم سطور حياتك وشعرك :
ترجمة مختصرة لرحلة حياته وشعره
ولد الشاعر عبد الله البردوني في قرية البردون / اليمن عام 1929 م أصيب بالعمى في السادسة من عمره بسبب الجدري ، درس في مدارس ذمار لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار العلوم وتخرج فيها عام 1953م. ثم عُين أستاذا للآداب العربية في المدرسة ذاتها .
وعمل مسؤولاً عن البرامج في الإذاعة اليمنية.عاش حياته مناضلا ضد الرجعية والدكتاتورية وكافة اشكال القهر ببصيرة الثوري الذي يريد وطنه والعالم كما ينبغي ان يكونا‚ أحب وطنه بطريقته الخاصة‚ رافضا أن يعلمه أحد كيف يحب.
هو شاعر حديث سرعان ما تخلص من أصوات الآخرين وصفا صوته عذبا‚ شعره فيه تجديد وتجاوز للتقليد في لغته وبنيته وموضوعاته حتى قيل:
هناك شعر تقليدي وشعر حديث وهناك شعر البردوني‚ أحب الناس وخص بحبه أهل اليمن‚ وهو صاحب نظرة صوفية في حبهم ومعاشرتهم إذ يحرص على لقائهم بشوشا طاويا ما في قلبه من ألم ومعاناة ويذهب الى عزلته ذاهلا مذعورا قلقا من كل شيء .
تناسى الشاعر نفسه وهمومه وحمل هموم الناس دخل البردوني بفكره المستقل الى الساحة السياسية اليمنية‚ وهو المسجون في بداياته بسبب شعره والمُبعد عن منصب مدير إذاعة صنعاء‚ والمجاهر بآرائه عارفا ما ستسبب له من متاعب .
في عام 1982 أصدرت الأمم المتحدة عملة فضية عليها صورته كمعاق تجاوز العجز‚ ترك البردوني دراسات كثيرة‚ وأعمالا لم تنشر بعد أهمها السيرة الذاتية.
له عشرة دواوين شعرية، وست دراسات ، صدرت دراسته الأولى عام 1972م "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" .
أما دواوينه فهي على التوالي:
• من أرض بلقيس 1961 –
• في طريق الفجر 1967 -
• مدينة الغد 1970
• لعيني أم بلقيس 1973
• السفر إلى الأيام الخضر 1974
• وجوه دخانية في مرايا الليل 1977 -
• زمان بلا نوعية 1979
• ترجمة رملية لأعراس الغبار 1983
• كائنات الشوق الاخر 1986 -
• رواغ المصابيح 1989
في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين 30 أغسطس 1999م وفي آخر سفرات الشاعر الى الأردن للعلاج توقف قلبه عن الخفقان بعد ان خلد اسمه كواحد من شعراء العربية في القرن العشرين .
" الترجمة أعدها الأديب والمؤرخ السوري : محمد عزوز ، ونقلناها ببعض التصرف "
والشكر للأخ الشاعر الحبيب : فادي الفحيلي ، الذي زودنا بهذه الترجمة وأكد التذكير والاحتفاء بشاعرنا الكبير "
احتفاء منا بذكرى عظيم من عظماء الشعر العربي الخالدين
شاعر اليمن الكبير الراحل : عبد الله البردوني
نقدم فيضا من رائعته التي كتبها في حب النبي المصطفى :
يـــا " أحمدّ النورِ " عفوا إن ثَأرْتُ فَفـي
صدري جحيمٌ تشظّتْ بيــــنَ أشعــاري
" طه " إذا ثارَ إنشـادي فـإنّ أبـــــــــــي
" حسّــان " أخبارُه في الشعرِ أخبـاري
أنا ابْنُ أنصارِك الغـرّ الألـى قذفــــــــــــوا
جيشَ الطغــــــــــاةِ بجيـشٍ منـكَ جــرّارِِ
تظــــافرتْ في الفدى حوليـك أنفسهـم
كــــــــــأنّهـنّ قـــــــــــلاعٌ خـلـفَ أســوارِ
نحنُ اليمانينَ يا " طـــــــــه " تَطيـرُ بنـا
إلــــــــى روابـي العُــــــــــلا أرواحُ أنصـارِ
إذا تذكّــــــرت " عـمّــــــــــارا " و مـبـدأه
فافخرْ بنا : إنّنـا أحفــــــــــــادُ " عمّـارِِ "
" طه " إليك صـلاة الشعـر ترفعــــــــــهـا
روحـي و تعزفـــــــــهـا أوتـــــــــار قيـثــار
قصيدة ( ليالي الجائعين ) للشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني*
هذي البيوت الجاثمات إزائي *** ليل من الحرمان و الإدجاء
من للبيوت الهادمات كأنّها *** فوق الحياة مقابر الأحياء
تغفو على حلم الرغيف و لم تجد *** إلاّ خيالا منه في الإغفاء
و تضمّ أشباح الجياع كأنّها *** سجن يضمّ جوانح السّجناء
و تغيب في الصمت الكئيب كأنّها *** كهف وراء الكون و الأضواء
خلف الطبيعة و الحياة كأنّها *** شيء وراء طبائع الأشياء
ترنو إلى الأمل المولّي مثلما *** يرنو الغريق إلى المغيث النائي
و تلملم الأحلام من صدر الدّجا *** سردا كأشباح الدجا السوداء
***
هذي البيوت النائمات على الطوى *** توم العليل على انتفاض الداء
نامت و نام اللّيل فوق سكونها *** و تغلّفت بالصمت و الظلماء
و غفت بأحضان السكون و فوقها *** جثث الدجا منثورة الأشلاء
و تلملمت تحت الظلام كأنّها *** شيخ ينوء بأثقل الأعباء
أصغى إليها اللّيل لم يسمع بها *** إلاّ أنين الجوع في الأحشاء
و بكا البنين الجائعين مردّدا *** في الأمّهات و مسمع الآباء
ودجت ليالي الجائعين و تحتها *** مهج الجياع قتيلة الأهواء
****
يا ليل ، من جيران كوخي ؟ من هم *** مرعى الشقا و فريسة الأرزاء
الجائعون الصابرون على الطوى *** صبر الربا للريح و الأنواء
الآكلون قلوبهم حقدا على *** ترف القصور و ثروة البخلاء
الصامتون و في معاني صمتهم *** دنيا من الضجّات و الضوضاء
و يلي على جيران كوخي إنّهم *** ألعوبة الإفلاس و الإعياء
ويلي لهم من بؤس محياهم و يا *** و يلي من الإشفاق بالبؤساء
أنوح للمستضعفين و إنّني *** أشقى من الأيتام و الضعفاء
و أحسّهم في سدّ روحي في دمي *** في نبض أعصابي و في أعضائي
فكأنّ جيراني جراح تحتسي *** ريّ الأسى من أدمعي و دمائي
ناموا على البلوى و أغفي عنهمو *** عطف القريب ورحمة الرحماء
ما كان أشقاهم و أشقاني بهم *** و أحسّني بشقائهم و شقائي