تعلمت من البحر
أن أحفظ كل ثمين وغال في أعماقي وأن أطرد منها كل خبيث ورخيص،
فالبحر يحفظ بأقصى قاعه الدرر النفيسة ، ويطرد إلى شاطئه كل الأشياء القبيحة ،
تعلو فوقه جيفٌ وتستقر بأقصى قاعه الدرر ...
وتعلمت قيمة الكتمان، فهو الذي لا يفشى أسراره إلا لمن يصونها ويعرف قيمتها،
ويبذل قصار الجهد في الوصول إليها ...
وتعلمت أن أتماسك، وأن ألمم شظايا نفسي المبعثرة إثر ضغوط حياتية أو منايا نفسية ، فالبحر الذي يدع الحجر الصغير يمر إلى قاعه غير مكترث له ،
يحمل على متنه سفناً وبواخر تناظر الجبال حجماً ووزنا ً،
ذلك أن جزيئات سطحه تتماسك معاً فتحمل في هدوء تلك المدن المتحركة والثابتة على سطحه ...
وتعلمت ألا أنظر إلى ما فات، فكم تلك الموجات التي كسرها شاطئه ،
لكن الموج مستمر، والبحر لم يتخل عن سماته ...
وتعلمت قيمة التعايش ومعنى التأثير والتأثر بمجريات الحياة ،
لأقول لمن حولي أنا موجود، أؤثر وأتأثر، وأقول وأسمع ...
وتعلمت الهدوء الذي تصحبه الهيبة، فلا جرَّأ هدوء الموج وسكون السطح أحداً على الخوض فيه
بلا اكتراث أو حساب، فالبحر مُهاب وإن تلاعب بعض الأطفال في بعض مائه ...
وتعلمت أن أقبل الآخر مهما كان لونه أو جنسه أو دينه
فالبحر يفتح صدره للجميع بلا تفريق ولا تمييز، ويمنح السعادة لكل من قصدها